محمد حامد جمعة نوار يكتب: محير.. كيف تفشل الدولة في توظيف مضبوطات العدو ومسيراته الأمريكية؟

الحديث المتكرر عن المعروضات والمضبوطات من أسلحة وتجهيزات العدو في المناطق المحررة بات أمرًا يثير الاستياء، لا بسبب التكرار، بل نتيجة الغرابة في تعامل السلطات مع هذه المواد الحساسة. فبدل أن تكون هذه المضبوطات عنوانًا رئيسيًا في المشهد الإعلامي والسياسي، يتم تركها دون أي توضيحات كافية، ودون رواية رسمية تحوّلها إلى مادة سياسية وإعلامية توثق وتدين وتفضح.
أسلحة لا تحكى قصتها
الكثير من هذه الأسلحة تبدو صالحة للاستعمال، ومتقدمة تقنيًا. كان من الأولى تقديم تصنيف شامل لها، شرح ميزاتها، ومتى وكيف وصلت إلى يد العدو. الأهم من ذلك، تأكيد وجود أثر أجنبي، أو بصمات لمرتزقة وغرف عمليات دولية، خصوصًا حين تبدو المعطيات الميدانية واضحة بأن العدو انسحب بشكل مستعجل، وترك خلفه عتادًا لا يمكن إهماله أو تمريره بلا تحليل معمق.
غياب رواية الدولة
في بلدان أخرى تشهد نزاعات، مجرد العثور على سلاح نوعي يُحدث ضجة إعلامية، ويتم تحليله على الشاشات وتفكيك دلالاته. في السودان، الأمر يُترك بلا متابعة. هذا التهاون يفرّغ أي نصر ميداني من معناه الحقيقي، ويضيع فرصة تحويل الحقائق إلى أوراق ضغط دبلوماسي وإعلامي.
مسيرات بورتسودان.. القصة التي لم تُروَ
قصة المسيرات الحديثة التي ظهرت في بورتسودان واحدة من الأمثلة الصادمة. طائرات مسيّرة أمريكية الصنع، يُقال إنها جاءت من البحر الأحمر ومن قواعد وسفن خارجية، وظهرت تفاصيلها في تقرير روتيني قدمه مندوب السودان بالأمم المتحدة. ولكن، بدلاً من أن تُصاغ كحدث استثنائي، مرت مرور الكرام وسط حشد من التفاصيل غير المترابطة.
الإعلام المحلي، بل حتى الخارجي، لم يُمنح الوقت أو الأدوات للتعاطي مع هذه المعلومة بالشكل الذي تستحقه. أين الرواية الرسمية؟ أين التوضيحات الأمنية والاستراتيجية؟ كيف تُترك مثل هذه القصص المهمة عرضة للتجاهل، أو في أفضل الأحوال، التعامل معها كهوامش؟
السودان وقصة فاشلة في عرض قضاياه
ربما لم تكن المسؤولة الأمريكية مخطئة حين وصفت السودان بأنه “فاشل في عرض قضيته”. مؤلم أن نقر بذلك، ولكن المؤلم أكثر أن هذا الفشل لا يبدو عرضيًا، بل أصبح سلوكًا متكررًا. لا إعلام دولة، ولا خطاب سياسي متماسك، ولا حتى جهة واحدة تتعامل مع هذه المواد على أنها فرصة لتقديم قضية السودان في المحافل الدولية بمستوى الحدث.
الوقت لم ينتهِ بعد. لكن إن استمر هذا النهج، فحتى النصر الحقيقي سيبدو باهتًا، وسيفقد معناه في أعين العالم، وفي وعي المواطن الذي يحتاج أن يرى ثمرة ما تحقّق على الأرض.
الوسوم:
اخبار السودان اليوم،
أخبار السودان،
اخبار السودان اليوم عاجل،
أخبار السودان اليوم عاجل الان خلال نصف ساعة،
الحدث اليوم في السودان مباشر الان عاجل،
نبض السودان،
اخبار السودان هذا الصباح