حقوقيون يحذرون من تصاعد الملاحقات القانونية وتأثيرها على بيئة العمل الإعلامي
مبارك أردول يحذّر من تكرار سيناريو تعطيل اتفاقية 1988 في المشهد السياسي الحالي

أعاد القيادي مبارك أردول فتح واحد من أكثر الملفات حساسية في التاريخ السياسي السوداني، بعد نشره مقالاً مطولاً على منصة (X)، شبّه فيه المشهد الراهن بالأجواء التي سبقت تعطيل اتفاقية الميرغني – قرنق عام 1988، متسائلاً ما إذا كان السودان يتجه نحو تكرار السيناريو ذاته في ظل الرفض الواسع داخل تيارات الحركة الإسلامية لمسار الهدنة الإنسانية المطروحة عبر الآلية الرباعية.
وأوضح أردول أن الاتفاقية التي وقّعها محمد عثمان الميرغني مع جون قرنق في أديس أبابا كانت تمثل فرصة نادرة لوقف الحرب وإطلاق عملية سياسية داخل إطار السودان الموحّد، قبل أن تُفشلها الحكومة الائتلافية بقيادة رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي، عقب إشراك الجبهة الإسلامية القومية في السلطة، لتتحول لاحقاً إلى أبرز معارضي أي تقارب بين الاتحاديين والحركة الشعبية.
وأشار إلى أن تعقيدات تلك المرحلة قادت إلى ضغط شعبي واسع لتنفيذ الاتفاقية، قبل أن تقدم الجبهة الإسلامية على انقلاب 30 يونيو 1989 الذي أتى بالرئيس المعزول عمر البشير إلى الحكم، وفتح الباب أمام عقود من الحرب والعزلة السياسية وسياسة التمكين.
وقال أردول إن سنوات التسعينيات شهدت إقصاء آلاف العاملين من مؤسسات الدولة وهيمنة كاملة للحركة الإسلامية على الأجهزة المدنية والعسكرية، إلى جانب بناء شبكات أيديولوجية داخل القوات النظامية، ما غيّر طبيعة الدولة وتركيبتها على نحو عميق.
وتوقف عند ما وصفه بـ”المفارقة الكبرى”، حين عاد حسن الترابي عام 2001 ليوقّع مذكرة تفاهم مع قرنق منحت حق تقرير المصير، وهو حق لم تتضمنه اتفاقية الميرغني – قرنق الأصلية، قبل أن تعزّزه الحركة الإسلامية في اتفاق مشاكوس عام 2002، الذي مهّد لاحقاً لانفصال جنوب السودان.
وفي قراءته للواقع الحالي، اعتبر أردول أن رفض قيادات وكتّاب ومنتسبي الحركة الإسلامية لأي مسار لوقف إطلاق النار، إلى جانب تصريحات الحاج آدم يوسف الرافضة للهدنة حتى لو وافقت عليها قيادة الجيش، يعيد إلى الأذهان أجواء 1988 حين ضاعت فرصة تاريخية كان يمكن أن تغيّر مسار البلاد.
وتساءل: هل قد تشهد البلاد تغييرات مفاجئة أو انقلابات جديدة إذا قررت قيادة القوات المسلحة التعاطي بإيجابية مع الهدنة؟ وهل يعود السودان إلى دائرة الرفض ثم القبول بعد سنوات كما حدث في ملف تقرير المصير؟ أم أن التجارب القاسية التي مرّ بها الشعب كافية لتجنب تكرار أخطاء الماضي؟
وختم أردول مقاله محذّراً من أن السودان دفع ثمناً باهظاً لرفض مبادرات السلام عبر تاريخه، وأن تجاهل دروس الماضي قد يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً في مرحلة تُعد من أخطر المراحل منذ الاستقلال.


