أخر الأخبار

سبب غلاء الشاي.. بقلم عبد الماجد عبد الحميد

عبدالماجد عبدالحميد
عبدالماجد عبدالحميد

 

داخل ميناء بورتسودان، تتكدّس الحاويات المحمّلة بسلعة حيوية تمس كل بيت سوداني: الشاي. سلعة تُعد جزءًا من الطقوس اليومية للناس، وترافقهم في لحظات الراحة والضيق على السواء. لكن هذه السلعة أصبحت فجأة خارج المتناول، ليس بسبب ندرة أو كارثة طبيعية، بل بسبب التلكؤ الإداري والتقاعس السياسي الذي ترك الحاويات حبيسة الميناء لأشهر طويلة.

حاويات الشاي.. مرآة للشلل الإداري

تجار سودانيون استوردوا كميات كبيرة من الشاي من كينيا قبل صدور قرارات حظر الاستيراد الأخيرة، وعلى الرغم من أن لجنة رسمية – شُكلت من مجلس السيادة وضمّت في عضويتها كل الجهات ذات الصلة – أوصت بتخليص الحاويات، فإن لا شيء تحرّك على الأرض. التوصيات ظلت حبرًا على ورق، والحاويات ظلت تتراكم عليها رسوم الأرضيات وتكاليف شركات النقل، والتجار يدفعون الثمن.

في ظل هذه الأزمة، تتصاعد أسعار الشاي يومًا بعد يوم، وتتعقّد أوضاع الأسر التي أصبحت تجد صعوبة في الحصول على أبسط ما يمكن أن يخفف عنهم وطأة الأزمة الاقتصادية. كل هذا يحدث بينما السلطة تقف موقف المتفرج، دون قرار شجاع أو توجيه عاجل يعيد الأمور إلى نصابها.

من المسؤول؟

السؤال الذي يتداوله السودانيون اليوم هو: من يقف خلف تعكير مزاجهم؟ من الذي يعجز عن اتخاذ قرار إداري بسيط في قضية واضحة؟ ولماذا يتلكأ مجلس السيادة في إنفاذ توصيات لجانه؟ الأدهى من ذلك، أن وزير التجارة الحالي، الذي يفترض أن يكون في مقدمة الصف، يبدو غائبًا تمامًا، وكأنه يخشى حتى من ظله.

هذه الأزمة تسلط الضوء مجددًا على عمق مشاكل السودان الإدارية والسياسية. فالشلل في اتخاذ القرار لا ينعكس فقط في ميناء بورتسودان، بل يمتد إلى كل مفاصل الدولة، ويزيد من معاناة الناس الذين لم يعودوا يجدون العزاء إلا في فنجان شاي ربما لا يستطيعون تحمل تكلفته بعد اليوم.

الموانئ والمستقبل الاقتصادي

ميناء بورتسودان لطالما كان شريانًا اقتصاديًا حيويًا، ليس فقط لشرق السودان بل للبلاد كلها. ومع ازدياد الحديث عن فرص عمل في مصانع السودان المرتبطة بالموانئ والتجارة، فإن تعطيل حركة الشحن والتفريغ يؤثر أيضًا على تقديم وظائف في السودان ويفتح الباب لمزيد من البطالة والاحتقان الشعبي.

ولا يمكن فصل هذه الأزمة عن المشهد العام الذي يشهده السودان حاليًا، والذي يتسم بالتعقيد والتشظي السياسي والإداري. وفي كل صباح، تتناقل المواقع والمنصات اخبار السودان اليوم التي تعكس قلق الناس المتزايد من تدهور معيشتهم اليومية.

ومع ذلك، فإن في عمق كل أزمة تكمن فرص. فحل مشكلة حاويات الشاي قد يكون مدخلًا لإعادة النظر في السياسات الجمركية والرقابية، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية، وفتح الباب أمام وظائف منظمات في بورتسودان ترتبط بقطاعات اللوجستيات والتجارة الدولية.

ومع تصاعد الحاجة لإيجاد حلول واقعية، يمكن أن تكون هذه الأزمة حافزًا أيضًا لإعادة تنظيم مؤسسات الدولة، وتحفيز قطاعات جديدة، وتحقيق استقرار اقتصادي حقيقي يُسهم في خلق فرص عمل فى السودان وإنعاش الاقتصاد المحلي.

حتى ذلك الحين، يبقى فنجان الشاي مرًّا في طعمه، ليس من السكر، بل من قرارات لم تُتخذ.

الوسوم

اخبار السودان اليوم،
تقديم وظائف في السودان،
وظائف منظمات في بورتسودان،
فرص عمل فى السودان،
فرص عمل في مصانع السودان،
سودان وظائف،
وظائف السودان

جرب حظك اليوم
جرب حظك اليوم
زر الذهاب إلى الأعلى